فيروسات فكرية ٤: مجاورة الحجر مع المُعلم منير فاشه

فيروسات فكرية ٤

حديث كثير وحماس كبير حول التعلم والتعليم عن بُعْد. “التعلم عن بعد” فيروس خطير. التعليم عن بعد ممكن لكن ليس التعلم، فالتعلم مثل التنفس والهضم لا يمكن أن يحدث عن بعد بل داخل الشخص.

كورونا أمرٌ خطير على البشرية، لكن في نفس الوقت يمكن أن ينبّهنا لفيروسات على أصعدة أخرى أهملناها كالعقول، تنهش فينا ببلاد الشام منذ 150 سنة دون وعيٍ، بل ندفع الغالي والرخيص لاستيرادها والافتخار بها! كورونا لا يعيش وحيداً بل نتيجة فيروسات على أصعدة أخرى مثل تحكُّم رأس المال بشتى نواحي الحياة ومثل تحكُّم التقييم العمودي ولغة الكتب المقررة والإعلام الرسمي في إدراكنا لقيمتنا ومثل نشر فيروس التعلم عن بعد.

هذه فرصة لصحوة نادرة وتحرُّر من فيروسات واستعادة التعلم كقدرة بيولوجية لا يمكن أن تحدث عن بعد، إلا إذا مسخناها؛ صحوة إذا خسرناها ستعود فيروسات جديدة بالمستقبل تنهشنا. لعل أخطر وأعمق فيروس على صعيد العقل هو تعريف “فرانسيس بيكن” للعلم على أنه قهرُ وإخضاعُ الطبيعة وخلخلةُ أسسها. لم يَحِدْ العلماء (إلا قلائل) عن هذا منذ 400 سنة. الطبيعة تتمرد عبر تسونامي وتغيير مناخ واحتباس حراري جميعها يهدد البشرية، ونختار أن نبقى بسبات عميق، نرفض أن نفعل شيئا سوى الغوص أكثر. يرفض صاحب سيارة وضعَ كاز بسيارته إذ يعرف أن ذلك يخرب “معدتها”، لكن لا يتردد بوضع ما هو أسوأ بأمعدة أطفاله! فيروس التخدير هذا له أمثلة عديدة بحياتنا. اتُّخِذَت كل الاحتياطات والقوانين لحماية أجسامنا من فيروس كورونا، وفي نفس الوقت تُتَّخَذْ كل التدابير لإحضار فيروسات العقول من المدارس إلى البيوت.

هذه فرصة لتنظيف أفكارنا ولغتنا من مفاهيم وكلمات موبوءة… هذه الأفكار موضوع تحادثنا يوم الثلاثاء.

فيروسات فكرية ٣: مجاورة الحجر مع المُعلم منير فاشه

نسمع كل يوم تفاصيل من كل الأنواع حول فيروس الكورونا، لكن لا أحد يحكي عما يمكن أن نفعله بدءا من اليوم، بعد ما يمر هذا الوباء، إذ على الأغلب نبقى ننتظر من الحكومات أن تحل مشكلات وأزمات غير قادرة على حلها… هنا تدخل الرؤية (وليس الأهداف) كسلاح في أيدي الناس يقوم كلٌّ منا بمسؤوليته نحو ذاته ومن حوله؛ مسؤولية سلبتنا منها المؤسسات والمهنيون والخبراء عبر فيروسات من شتى الأنواع، كان وما زال أخطرها فيروسات العقل والإدراك.

بدأنا مجاورتنا بسؤالين: – ماذا في رأيك يميز الحكمة؟ كيف تفسر أن قدرة الدول التي ندعوها بمتقدمة كانت أضعف في تعاملها مع كورونا؟ بالإضافة إلى أننا تحدثنا ببعض الإسهاب عن أمرين (تطرقنا لهما قليلا في لقاءاتنا السابقة): عن رياضيات القبيلة الأورو-أمريكية كأخطر فيروس على صعيد العقل، وعن الرؤية التي يعمل وفقها المعلم منير منذ سنين.