تغميسة “بين منطوق لم يُقصد ومقصود لم يُنطق تضيع الكثير من المحبة”

في التغميسات نجلس بالعادة على الأرض، وهذه كانت من المرات القلائل التي نجلس فيها على كراسي. بالقعدة على الأرض، نشعر بالبساطة وعدم التكلف وشعور أكثر بالأمان بمشاركة تجاربنا، قربنا إلى الأرض يجعلنا أقرب إلى بعض.

بإنغماسنا بمقولة جبران فكّرنا أكثر بأهمية الكلمات في حياتنا وماذا تعني وكيف نعبر عنها، مدى الوضوح في الكلمات التي نستخدمها، صدقها ومدى ارتباطها الفعلي بما نشعر به، فما أهمية أو فائدة المنطوق اذا لم يفهم؟ فلا بد أن يكون هناك جهد واجتهاد بتشكيل معنى لما ننطق، ونآمن بقدرة الآخرين على التعلم كما نآمن بقدرتنا على التعلم. فمن التجارب نغذي أنفسنا ولعلنا نصبح أكثر فصاحة باستخدامنا للكلمات.

ولكن ماذا لو كانت فصاحتنا بالأفعال وليست فقط بالكلمات، فهنا يكون النطق بشكل مختلف يجعلنا نرى ونشعر بالمحبة من دون كلمات، فلكل منا لغته إذا أحسن التعرف عليها وأحسن استخدامها وأحسن الآخرين رؤيتها.

قد نكون قد فقدنا معنى البساطة في حياتنا، البساطة في التعامل مع من نحب وكيف نعبر عن أنفسنا، البساطة في استخدام كلمات مرتبطة بدواخلنا لنا دور في تشكيل معناها ونعمل على تغذية مخزوننا منها، البساطة في رؤية معنى الحب، والبساطة في رؤية الناس من دون أحكام مسبقة وترجمة أفعالهم بناءً على مرجعيتنا ناكرين قصتهم وتجربتهم.

بهذه الجلسة بدأنا بمجموعة أسئلة وخرجنا بالمزيد منها. أين هي المحبة؟ ولماذا لا نستطيع أن نعبر عن ذاتنا؟ وما هي الطريقة المناسبة التي ممكن أن أحكي بها؟ ومن أين تأتي الأحكام المسبقة؟ ولم يحكمنا العيب بما ننطق به؟ وكيف يتشكل المخزون اللغوي لدينا؟

شكراً لكل من حضر وكان معنا بهذه التغميسة وشاركنا تجاربه وقصصه، وكل الشكر للأصدقاء في مؤسسة محمد وماهرة أبو غزالة على المساعدة بالتنسيق لهذه التغميسة.

لمشاهدة المزيد من الصور

وشكراً Razan Fakhouri Photography على الصور

#مطبخ_اجتماعي #تعلم_اجتماعي #تعلم_ذاتي #حكم_الذات #تغميسة #تغميس #عمان #الاردن#taghmeeseh #taghmees #JO #Amman #learning #social_kitchen#social_learning #autonomous_learning #autonomy #khalil_gibran#جبران_خليل_جبران #جبل_عمان #Jabal_Amman

MMAG Foundation

ما بين التعلم الفطري والتلقين

سنحت لنا الفرصة يومي الثلاثاء والأربعاء ٢٣ و١/٢٤ لنلتقي ونتحدث مع مجموعة اطفال من مركز رواد خلال مشاركتهم بالنادي الشتوي الذي يركز على قيمة الغذاء. اخبرناهم عن قصة تغميس وماذا تعلمنا خلال ال ٥ السنين من حياتنا مع التغميس. ومن ثم تناولنا معاً وجبة افطار غنية بالحب والمعرفة والمشاركة لتتذكر بأن أكلنا التغميسي والذي فيه كل العافية هو مُغذي وصحي وبالاخص اذا عرفنا مصدره، فنحن لسنا بحاجة للأموال الطائلة لنعيش ونأكل بعافية، فالجود من الموجود.

النقاش مع مجموعات مختلفة من الأطفال فيه خليط من المشاعر والأفكار، كمية الفضول وحب المعرفة والسؤال مازالت حاضره في نفوس الأطفال ولكن بالمقابل نجد كيف ان الأجوبة الجاهزة ونظام المدرسة التلقيني والذي أشبه بفكرة الببغاء حاضراً ومسيطراً بالمقابل عليهم. خلطة تُرينا وتُذكرنا بهذا الحس النقدي والفطرة بالتعلم والتساؤل، ولكن بالمقابل تذكرنا كيف أننا نقتل هذا الشيء ويختفي من دون أن نشعر به ونصبح مثل الأجهزة والروبوتات التي تردد الإجابات الجاهزة.

بسبب بعدنا في المدينة عن مصادر غذاءنا وماذا تعطينا الطبيعة وكيف تُدبر حالها بعيداً عن التدخل الانساني، نجد كيف أن هذا الحديث عن الأكل يأخد الأطفال الى عالم الخيال، كيف تُصنع الجبنة؟ وكيف تصبح الجبنة جامدة اذا هي مصنوعة بالأصل من الحليب؟ وما الفرق بين الجبنة البيضاء والصفراء؟ وكيف نجهز الحمص؟ ومن ماذا نعمل الطحينة؟ وكيف نعمل اللبنة؟ وهل نغلي الحليب لنعمل الجبنة واللبنة؟ أسئلة وأسئلة لا تنتهي عن الغذاء والأكل.

لماذا لا نتعلم في الوقت الحالي عن كيف نصنع أهم مكونات أكلنا؟ ولماذا هذا البعد عن مصادر غذائنا؟ ولماذا يتم استبدال هذه المعرفة بمعلومات جاهزة في كتب مقررة وبناءً عليها يتم قياس درجة ذكاء كل طالب؟ ولماذا نتحدث عن الأكل المغذي وبه عافية كأنه شيء بعيد عن ثقافتنا وعالمنا؟ ولماذا هذا النمط من الأكل أصبح مرتبطاً بتكلفة مادية عالية؟

مما لا شك فيه أنه لا بد من وقفة طويلة وعميقة أمام هذا التيار القوي والجارف من الهيمنة على مصادر غذائنا ومعرفتنا ونستعيد جزءاً من عافيتنا وقدرتنا الفطرية على التعلم.

شكرا رواد التنمية على اتاحة الفرصة لأهل تغميس ليشاركوا تجربتهم وعلى خلق فرص للنقاش والتعلم والتأمل و”فن وشاي” على الاستضافة.

2018 SIT تغميسة مع طلاب

كانون ثاني من كل عام أصبح موعدا لنا لنستهل ونبدأ به عامنا بلقاء غني مع مجموعة طلاب من الولايات المتحدة، خلطة  تضم مجموعة متنوعة من الجنسيات تجتمع في مكان واحد في دائرة واحدة، نتشارك فيها القصص والتجارب لتأخذ آفكارنا وأرواحنا خارج أطرها.

هذه البقعة من العالم التي نعيش فيها وتعيش فينا هي جزءاً من المجهول للبعض، يسمعون ويتعلمون عنها من مصادر معرفه غربية وتقاس تجربتهم فيها بناء على معايير غربية ومؤسساتية وبناء عليه قد تدخل المعلومة في حيز المعرفة أو الادراك الُمبرمج.
ولكن ماذا لو حاولنا أن نجعل الرؤية خارج هذه المعايير المشوهِة للفرد وللمجتمع؟ ماذا سنتعلم؟

في بداية التغميسة بدأنا بالتساؤل عن أية أسئلة كانت تدور في أذهانهم قبل وصولهم، وماذا تعلموا من خلال أيامهم التي قضوها بالأردن؟

عامل الدهشة بالمودة الموجودة بين الأهالي كان أكثر ما لمسه الطلاب، شكل الحياة وايقاعها يختلف عن الصورة النمطية المُشكلة بأذهانهم عن المنطقة من عنف وضجيج. قد نكون نحن أيضاً قد نسينا أو أخذتنا سرعة الحياة ومشاكلها من رؤية الغنى الثقافي والاجتماعي الموجود بيننا.

في السنوات السابقة كانت طبيعة النقاش تُركز أكثر على المؤسسات والجمعيات وما هي معايير القياس التي نتبعها وما هي خطط العمل وغيرها من الأسئلة التي تصب في نفس الموضوع. ولكن هذا العام كانت الأسئلة والفضول أكثر حول مواضيع الغذاء، من أين نحصل على مصادر غذائنا في الأردن؟ وما هي طبيعة غذائنا؟ وبما أن الأكل قد يكون بوابة الروح، كيف يرتبط روحياً بنا كأفراد؟ وهل لنا سيادة على مصادر غذائنا؟ وهل هناك اي نوع من أنواع العدالة الغذائية هنا؟
الفضول ذهب بنا أيضاً إلى التحدث عن التنوع والاختلاف في مجتمعاتنا، ما هي الأكثرية وما هي الأقلية في المعتقدات الدينية.

بعد جلسة نقاش استمرت لحوالي الساعتين استمتعنا بتغميس قلاية البندورة وتعرفوا على مصادر ما تشاركوه من أكل، الجبنة من شطنا والمكدوس من جرش والزيت من سحم كفارات ومن ثم ذهبنا في تجوال بسيط في أزقة جبل اللويبدة ليتعرفوا أكثر على خبايا وقصص البلد.

ولكن بعد هذه الجلسة بقينا مع مجموعة من الأسئلة وبحالة من التأمل، العديد من القصص الشخصية المرتبطة ببيئتنا تم مشاركتها، كيف سيتم هضم المعرفة التي تعرضوا لها بما أن التجربة الشخصية المحلية واقعها بعيداً عنهم؟ جزءاً من التنوع الذي نعيشه في مجتمعنا مختلف والقصص لها أزمنة وأمكنة متنوعة، ولكن بما ان كل فرد مصدر في تشكيل معرفته نأمل أن تحلق هذه القصص خارج أطر التنميط والمعرفة الُمبرمجة والمُغلفة.

تساؤلات من تغميسة الفشل

photo-11-12-16-5-50-15-pm

بتغميستنا عن الفشل اخذنا النقاش الى كلمة نجاح، وتناقشنا انه مثلما يحد الفشل من القدرة كذلك النجاح يضع حدا لقدراتنا. تنوع الأفكار واختلافها أضاف نكهة مميزة للتغميسة وساعدنا بأن نتعمق أكثر وأكثر في موضوع الفشل، بحثنا داخل أنفسنا بماذا تعني لنا الكلمة وكيف تؤثر على حياتنا، وبما أن تجاربنا مختلفة كذلك فهمنا لمعنى الكلمة.

قد يكون الفشل أداة مدمرة موجودة بيننا ونستخدمها للقهر، ابتداء من العلامات و”المصاري” وغيرها من المعايير الاجتماعية التي تحدد قيمتنا. نصارع في هذه الحياة ونجد أنفسنا محاطين بدوامتي النجاح والفشل، نقيس أنفسنا بناء على أطر اجتماعية، نُقاس من خلالها ونقيس أنفسنا عليها ومن دون أن نتساءل ما هي هذه الأطر ومن وضعها، لدرجة أنه قد نصل إلى حالة تدمير لسعادتنا لنكون مقبولين اجتماعيا، نسعى الى النجاح خوفا من الفشل ولكن ليس حباً أو شغفاً لما نفعله.

نضع كلمة فشل أمامنا وننسى كلمة تعلم، من كل تجربة نحن نتعلم شيئاً، نلغي قدرتنا على التعلم ونوصم أنفسنا بعدم التعلم.

تساءلنا بهل يحق لنا بأن نقول عن شخص بأنه فاشل؟ وما علاقة الفشل بالفرص المتاحة؟ وما علاقة الفشل بالفوز والخسارة؟ وهل للفشل علاقة بال ego ؟ وكيف لنا أن نتعامل مع شعور الاحساس بالفشل؟ وكيف يرتبط الفشل ببحثنا واكتشافنا لذاتنا؟ وكم نحن صادقين مع أنفسنا برؤيتنا لذواتنا؟ وما الفرق بين الفشل الشخص والفشل الاجتماعي؟ وكيف لنا أن نتحرر من معايير الفشل والنجاح؟

كل الشكر لكل من كان جزءاً من هذه التغميسة، حيث سعينا جميعاً لنشكل معناً لهذه الكلمةونشكل علاقة مع ذواتنا والمجموعة من حولنا.

#تغميسة #مطبخ_اجتماعي #تعلم_من_الحياة #الفشل #جبل_اللويبدة#taghmees #taghmeeseh #social_kitchen

لمشاهدة المزيد من الصور

نظف أرضك…نظف مخك

15036635_1026339670826512_3504500502982666549_n

#سيل_حسبان بناعور، منطقة تبعد حوالي ٣٠ دقيقة من منطقة الدوار السابع، فقط ٣٠ دقيقة ونكون في قلب غابة وما حولها من مياه وأراض مزروعة بالمحاصيل الموسمية، مُتنفس أخضر ولكن للأسف ملوث كالكثير من المناطق الطبيعية الأخرى بالأردن بمظاهر الحياة المدنية والحديثة التي نعيش، نتسابق للتطور، ولكن تطور تجاه ماذا؟

كانت البداية مع سيل حسبان عندما ذهب بعض من أهل تغميس وتفاجؤوا بكمية النفايات الملقاة على الأرض، العديد من أهل المدينة وربما أهالي من مناطق أخرى جالسون بكل ما يحيط بهم من نفايات وكأنها غير موجودة، وكأننا لا نعلم بأن هذه النفايات تدخل في الهواء الذي نتنفس والماء الذي نشرب والأكل الذي نأكل، بكل بساطة حياتنا مخلوطة بكل الملوثات.

قررنا أن نذهب بيوم لننغمس بالأرض والمكان، بيوم ننظف جزءاً من الغابة ومن ثم ننغمس بموضوع النفايات في حياتنا. لمدة ساعة وبهمة ٢٨ شخصاً جمعنا حوالي ٦٠ كيساً من النفايات الغير قابلة للتحلل الا بعد مئات السنين ومن ثم جلسنا لنتشارك الأكل بما لذ وطاب من الأكلات البتتوتية ومن ثم تأملنا بالتجربة. تشاركنا قصصنا عن النفايات بحياتنا وتساءلنا بما يحدث بها؟ وبمن المسؤول عن كل هذه النفايات؟ الى اين تذهب؟ وكيف نكون منتجين للنفايات من دون أن نشعر؟ وبكيف يرتبط نمط حياتنا الاستهلاكية بكمية النفايات التي نفرز؟ وبكيف اذا كنا لا نراها لا يعني بأنها غير موجوده. كان يوماً مغذياً بكل النواحي، انغمسنا بالأرض وحياتنا وحكاياتنا وبأكلنا وبالموسيقى وبالرقص.

نحن نعلم بأن حملات النظافة ليست هي الحل لمأساة النفايات التي تحيط بنا اذا لم نبدأ بإعادة التفكير بأسلوب حياتنا وماذا نلوث ومن يستفيد من نمط الحياة الاستهلاكي القائم، قد نكون ضيوفاً على هذه الأرض ونحن نستعيرها من الأجيال القادمة، من هو قادم هم أحباؤنا فلماذا نورثهم نفاياتنا بدلا من أن نورثهم جمال وغنى الطبيعة.