4/6/2015 أول يوم في وهاكا

ز

سرعة الطائرة وهي تحلق إلى المكسيك كانت أشبه بما يحدث داخلي من أفكار متسارعة. حماس وقلق وخوف، عالم مختلف كما أسمع ولطالما أردت أن أكتشف. بهذه الرحلة حاولت أن أعيش فكرة ” لا للقلق”، الطائرة تأخرت أم لا، من سيجلس بجانبي وكل الأمور المتعلقة بالسفر، كانت الأمور ميسّرة في معظم الأحيان، حتى عندما ألغيت الطائرة الذاهبة إلى وهاكا، كانت ميسرة بتبعاتها. وصفة ” لا للقلق” جميلة عندما نتمكن منها.

أولى مغامراتي كانت عندما ألغيت الطائرة الذاهبة إلى وهاكا بعد إنتظار حوالي ساعتين ونصف في مطار هيوستن والسفر لمدة حوالي ٢٢ ساعة وذلك بسبب وجود إعتصام للمعلمين في المكسيك مع اشتداد ذروته في وهاكا. شركة الطياران الأمريكية تركتنا مع كوبون خصم للإقامة في الفنادق القريبة من المطار التي توفر خدمة الإستقبال والذهاب. بدأت رحلة البحث عن فندق مع إعتذار الشركة المزودة عن توفر غرف وطلب الإتصال بعد فترة للتأكد مرة أخرى. في هذه الأثناء إقتربت مني صبية وسألتني اذا كنت أود أن أشاركها الغرفة مع صديق لها وهو بصحبة طفلته التي لا تتجاوز العامين لانه لا يملك ثمن الإقامة في الغرفة (والتي كانت حوالي ٧٠ دولاراً أمريكياً بعد الخصم)، فكرت لدقيقة ومن ثم قلت ما المانع. عندما تعرفت عليهم وجدت أن الصبية إسمها “داماريس” من السلفادور والرجل “خورخه” من المكسيك ويعيش في وهاكا. وصلنا الفندق وتشاركنا الغرفة، لم أشعر بأي قلق أو خوف، جلسنا نتحدث وكانت داماريس تترجم لنا. بالأول لم يعرفوا أين هي الأردن وظنوا أني من “جوردن” بالولايات المتحدة. أخبرتهم أين أعيش بالعالم العربي، بين سوريا ولبنان وفلسطين، ولإن خورخه يتمتع بحس ديني مسيحي استطاع أن يميز فلسطين والقدس وشاركتهم بعض من الصور لبيت لحم التي كان قد أعطاني إياها صديقي معتصم بعد مجاورة العودة. ذهب بِنَا الحديث عن الحجاب وفكرته حيث كانوا يظنوا بأنه مرتبط بالزواج، من هي متزوجه تلبسه ومن هي غير متزوجه لا تلبسه. هل يا ترى المصائب والمشاكل تجمّع الناس وفي لحظات ننسى مخاوف المدنية الحديثة والتقرب من الغرباء؟

وفي هيوستن لا بد لي بأن أقول بأني لم أكن أعرف بمدى إستخدام اللغة الإسبانية هناك، مثلها مثل اللغة الإنجليزية تقريباً، لأقراء فيما بعد عن الحرب المكسيكية الأمريكية في منتصف القرن التاسع عشر والتي على أثرها إحتلت تكساس ونيو مكسيكو وكاليفورنيا وأصبحوا جزءاً من الولايات الأمريكية.

وأنا أطير فوق خليج المكسيك، يوم ٦/٤/٢٠١٥ الساعة ٩:٢٠ صباحاً بتوقيت هيوستن، فكّرت بعظمة الخالق وأنا أرى جمال طبيعة المكسيك من الطائرة وبضعف قدرة الإنسان الذي خلق وقوته المدمرة التي يستخدمها بمنح الحق أو عدمه لإنسان آخر برؤية كل هذا الإبداع. وبكيف أن العالم صغيرٌ كبيرٌ بنفس الوقت، ومن تناقضاته بأني مضطرة للتعامل مع كل ما هو وهمي ومن صنع الإنسان من قوانين وشروط سفر لأكتشف ما هو طبيعي وحقيقي.

وصلت مطار وهاكا واختلف واقع التعامل من اللغة الإنجليزية إلى الإسبانية وبدأت بإستخدام لغة الإشارة وأحسست بمقدار جهلي في بيئة مختلفة ودوائر غير دوائري.

   إستقليت تكسي كولكتيفو (Collectivo)

بدلاً من التكسي الخاص والذي يقل حوالي ٨ أشخاص ويكلف (٧٠ بيسوس= حوالي ٣دنانير). لم تتجاوز الرحلة من المطار إلى الفندق الذي أقمت فيه لمدة ٣ أيام والذي يقع في وسط المدينة في شارع كريسبو سوى نصف ساعة.

إستلمت غرفتي ووضعت حقائبي واستكشفت الفندق والتراس الجميل المطل على المدينة. ومن ثم اتصلت مع “سيرجيو” صديق منير فاشة الذي من المفروض أن يعرفني على المدينة. وصل “سيرجيو” إلى الفندق وذهبنا في جولة إلى وسط المدينة، أخبرني أكثر عن إعتصام المعلمين والذي هو امتداد لإعتصامات في السنوات السابقة بسبب رغبة الحكومة بإعادة تشكيل نظام التعليم بحيث يعمل على سلب المعلمين جزءاً من حقوقهم. بعد ذلك ذهبنا إلى وسط المدينة مروراً بزوكالو وشوارع إندبيندينسيا ومن ثم تناولنا طعام الغداء في مطعم صغير في أزقة وهاكا، تناولت تاكو اللحم مع عصير المانجا الطازج.

عدت إلى الفندق وحاولت مقاومة النعاس حيث أن هناك ٨ ساعات فرق في الوقت، باءت محاولاتي بالفشل وعلى الساعة ٦:٣٠ مساء بتوقيت وهاكا (٢:٣٠ صباحا بتوقيت عمان) ذهبت في سبات عميق لأستيقط ثاني يوم على الساعة ال ٥ صباحاً.

Me, Damaris, Jorge and his daughter Anna at Houstan Airport داماريس وخورخيه والطفلة وأنا في مطار هيوستين

inflight magazine… small scale resistence شكل بسيط من المقاومة، تعديل الخريطة لمجلة الطائرة الذاهبة إلى وهاكا

Collectivo تكسي كوليكتيفو

Oaxaca from the hotel’s terrace on Crespo St. وهاكا من تراس الفندق في شارع كريسبو

Oaxaca’s streets, city center شوارع وهاكا، وسط المدينة

protesters’ tents from teacher’s demonstration at the city center خيم إعتصام المعلمين في وسط المدينة

 

من قال

لا أعرف من أين ابدأ بالكتابة، نعيش في عالم مجنون ومريض بداء العنصرية والوهم. أصبحنا نعيش على “كبسة” الإعلام، تنساق مشاعرنا وعواطفنا وانسانيتنا إلى ماذا تريد وسائل الاعلام الغربية التي تمتلك كل عناصر القوة الاجتماعية الكذابة من الدين واللون الأبيض والفكر الذكوري لتحركنا اليه. نتحرك ونثور لمصالحهم ونحن من نرفع شعار المقاطعة.

من قال ان لون البشرة يحدد فكر الإنسان وتصرفاته؟

ومن قال ان طول اللحية هو دليل لأي دين؟

ومن قال ان غطاء الرأس هو غطاء للعقل؟

ومن قال ان لون العينين له أي دلالة غير انه لون؟

ومن حدد مع من يجب ان نشعر ونتعاطف ومع من يجب أن لا نشعر؟

ولمصلحة من يقتل فرد أو أفراد؟

وهل نحن ضحايا في هذا العالم أم قاهرين؟

ومن يكتب بالإعلام ويجعلنا نردد كلمات ونعزز أفكار دون أن نفكر بها؟

ومتى كان القتل شيء عادي نسمع عنه كل يوم، والقاتل الأبيض نتعاطف معه ونعطيه الوقت ليبرر نفسه ومن كان غير ذلك فهو إرهابي؟

نُولد بصفات وضع معاييرها العالم ونبذل وقتنا وحياتنا نحاول أن نكون كما يريد هذا العالم دون أن نسأل أنفسنا لماذا؟ كل شيء ممكن أن يحدث للأخرين ولكن ليس لنا، ناكرين بأننا جزء من هذا العالم نؤثر فيه كما يؤثر فينا.

صراعنا ضد من ومع من؟ قد يكون أول صراع يجب أن نخوضه مع أنفسنا لننقيها من شوائب هذا العالم لإن ما يحدث لا يمكن أن يستمر كما هو عليه.